من يجني “ود” الغرب أولاً ؟ إيران التي ظفرت سياسياً أم السعودية التي أخفقت عسكريا؟
20 يناير، 2016
442 13 دقائق
يمنات
ضيف حمزة ضيف
بقول الرئيس الإيراني حسن روحاني صبيحة هذا اليوم، بأن “إيران فتحت فصلاً جديداً مع العالم”، تزامناً مع البدء في تطبيق البنود المتفق عليها في ما خصّ برنامجها النووي، لا سيما البنود المتعلقة برفع العقوبات التي فرضت على إيران منذ 1979، نكون أمام مرحلة جديدة تمسّ صميم المنطقة.
يبدوأنّه من الصعب في الشرق الأوسط وصف أي جديد يطرأ، بالذي لا سابق له، إذ إن المنطقة ومنذ احتلال فلسطين في عام 1948، لم تشهد استقراراً سياسياً، يمكّننا من تلمّس أي جديد، وبالتالي تركن التحاليل هنا وهنالك إلى أمنِ فكري يرافقه انتظار الانفراجة الكبرى، التي تؤهل أي مواطن في الشرق الأوسط للبحث عمّا ” لا يمكن توقعه” .
وبعطف الرئيس الإيراني كلامه، على رفع العقوبات بالقول : إنّها ” نقطة تحوّل في الاقتصاد الإيراني”، وتلقيه لرسالة التطمين التي أرسلت بها مسؤولة السياسة الخارجيّة في الاتحاد الأوربي السيدة فيديريكا موغيريني، التي مفادها ؛ أن هذا التطور النوعي من شأنه تعزيز “الاستقرار والسلم الإقليميين”، يصبح الاتفاق قد تلقى دعماً معنوياً ومادياً في آن، وانطوى في نفس الوقت على نقد مضمر للرؤية السعوديّة التي تعتبر الاتفاق بما تضمن من رفع العقوبات، لا يساهم في تعزيز الأمن في الشرق الأوسط، فضلاً عن ” فشلها” في تحشيد العالم العربي ومن خلفه الدولي من أجل قطع العلاقات السياسيّة مع إيران .
ولم يتوقف التصريح الأوربي الرسمي عند هذا الحد فحسب، بل لقد تجاوز المسلك الدبلوماسي إلى ما يمكن أن نعتبره غزلاً واضحاً بالعطف على الآتي : ” الاتفاق مع طهران يبعث برسالة قوية مشجعة مفادها أن الإرادة السياسية والعمل الدؤوب قد يساعدا في حل أصعب القضايا “، حسب ما تناقلته وكالات الأنباء صبيحة هذا اليوم، نقلاً لمجريات المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجيّة الإيراني السيد محمـد جواد ظريف في مقر الوكالة بالعاصمة النمساويّة فيينا .
وبالسماح وبشكل قانوني بناءً على اتفاق مصادق عليه، يمكن لإيران بيع نفطها في السوق العالمي، ورفع التجميد عن مخصصاتها الماليّة المقدّرة بالمليارات، وبتأكيد ذلك على لسان السيد جون كيري وزير الخارجيّة ومصادقته على “رفع العقوبات المتصلة بالبرنامج النووي الإيراني”، ثم القول “إن إيران اتخذت خطوات مهمة في المسار الصحيح”، يصبح هنالك إجماع دولي على رفع الحصار المفروض على إيران، والقبول بها كشريك رئيس في الكتلة الدوليّة بشكل عام .
في ذات الوقت، ومن سخريّة الأقدار كما يُقال، نقلت وكالة الأنباء الليبيّة خبر قبض “السريّة البحرية المقاتلة سوسة التابعة للبحرية الليبية على سفينة ترفع علم دولة بنما وعلى متنها اثنا عشر بحّاراً سورياً، واثنان آخران من الجنسية الهندية”، وحسب النقيب محـمد المجدوب آمر السرية البحرية المقاتلة سوسة، ” إن السرية قبضت على السفينة “آبيلا” يوم الخميس قبالة منطقة رأس الهلال، وقامت بجرها إلى سوسة وتثبيتها”، مبيّناً أن ” عمليات تفتيش السفينة والتحقيق استكملت مع طاقمها” .
وبوقوع “رأس الهلال” في شمال شرق ليبيا بالقرب من مدينة درنة، تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على ” أجزاء منها “، يكون الحادث قد نسف وبشكل كامل تحذير القيادة العامة للقوات المواليّة للحكومة المؤقتة من “الاقتراب من هذه المنطقة في أكثر من مرة خلال الفترة الماضية” – حسب موقع بوابة إفريقيا الإخبارية – أي معنى لمفهوم السيادة، ويكرّس وبشكل مؤسف لمدى بقاء تنظيم الدولة على خطورته، رغم هجمات ما عُرف بـ “التحالف الإسلامي” ضده، والذي تقوده السعوديّة للمفارقة .
نجاح إيران في أكثر المهمات صعوبة وقرباً إلى الليونة والدبلوماسيّة، وفشل السعوديّة في المهمة العسكريّة على أكثر من جهة، في الوقت الذي يتسابق كل من الغريمين ” السعوديّة وإيران” على حد سواء، إلى إبداء القوة والدماثة السياسيّة والمقدرة على حمل المسؤوليّة للغرب، يتبدّى وبشكل واضح اللعب على عامل النقيض في الزمن الذي لم يعد هنالك وسع لإثبات العكس ، فما بين نجاح دبلوماسي وفشل عسكري، تقترب النتائج إلى تولي كل طرف ايديولوجيا معيّنة في حل الصراع، تعمل على بيان الإستراتيجيّة القادمة في التعامل مع شؤون الشرق الأوسط ومعضلاته أمام مرأى الغرب وحكمه على الإيديولوجتين .
لقد أراد السادات ذات يوم لعب دور إسرائيل في المنطقة من أجل الظفر بعطف الولايات المتحدة ودعمها، فخسر الداخل المصري والمحيط العربي، وحاز على ” سخريّة” مرّة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل معاً . ولم يكن ذاك التاريخ ببعيد حتى نتخلص من ربقة المقارنة أونستبعد “المهزلة” المترتبة عن تكراره .
تبدوالسعوديّة بانسياقها إلى الحلول العسكريّة في اليمن على وجه التحديد متخليّة عن سياستها التقليديّة، في حال الخاسر من الجهتين، ذلك أن عودتها للدبلوماسيّة والحلول السلميّة قد يوحي للغرب، بأنها قد عبّرت عن الفشل والهروب بطرق آخرى، لا تكاد تنطليّ على أحد، وباستمرارها على النهج العسكري، تكون – وقد حدث فعلاً – قد خسرت وصفها بـ ” الدولة الحكيمة” المنساقة إلى مبادئ القانون الدولي، علاوةً على ” تغوّل” الدولة الاسلاميّة ومحافظتها على استرتيجيّتها في الالتهام الجغرافي المستمر .
في حين تذهب إيران – غريمتها – إلى أبعد من جهة، متبعة سياسة تغليب الداخل على الخارج، والفوز بأكبر جبهة مساندة لها خارجياً وداخلياً، في اطار مصالحة تعد الأكبر في تاريخها برمته.